حديث الروح بقلم:د. يسرا محمد سلامة

الأربعاء, 23 أغسطس 2017 11:21 ص

راديو كلاكيت-وكالات

حديث الروح

    الغربة لم تكن أبدًا ذلك الإحساس الذي نعيشه خارج أوطاننا، غربتنا تكمن دائمًا داخل أنفسنا، ولهذا فمعظمنا يعيش مغتربًا وهو موجود على أرض الوطن.

اغتراب النفس، شعور صعب، أنْ تكون مغتربًا عن كل ما تؤمن به، عن كل ما تعودت عليه، وعن كل ماتربيت عليه، لتجد نفسك فجأةً تعيش في عالمٍ مختلف جدَّ الاختلاف عن كل ما حلمت به لمستقبلك.

حلمك في أنْ تدرس ما تحبه، تعمل ما ترغب في القيام به، سعادتك في القرب بمن يهوى قلبك، وتأتلف روحك له، فيظل هذا هدفك الأوحد الذي يلازمك في صحوك ونومك، فلا هو يمل منك ولا أنت تتعب من كثرة التفكير فيه.

وطنك الروحي، سكينة يلزمك سنوات كي تكتشفها وتكون تلك هدية المولى عزّ وجل لك عندما تتمكن من الوصول إليها إما بعد وقت طويل، أو قصير، المهم أنْ يكون لديك القدرة على الوصول في نهاية المطاف.

بعضنا ينعم بتلك النعمة والبعض الآخر لا يحظى بها، فيضطر رُغمًا عنه إلى أنْ يشعر بأنه مغترب عن ذاته، عن روحه التي باتت غريبة عنه لا يعرف ماهيتها، ولا ماذا تريد، ويستمر إحساسك بالضيق، وبعدم قدرتك على التأقلم مع الحياة التي تعيشها، فتكون النتيجة إصابتك بالعديد من الأمراض النفسية والجسمانية، وأنت لا تدري كيف حدث ذلك، ولماذا؟!، فتظل تدور في حلقة مُفرغة من الألم والتعاسة.

اكتشاف ما تصبو إليه النفس، يوفر الكثير من المشقة على الانسان، يُريحه من عناء المتاهة التي يضع نفسه فيها دون أنْ يدري، يُنقذه من حيرة لا يعلم مُنتهاها سوى الله، تجعله راضٍ عن نفسه ومن حوله، يتغلب على أي صعوبات ستواجهه لا محالة في معترك الحياة بنفسٍ راضية مُتقبلة قضاء المولى سبحانه.

لا تبحث عن سعادتك في أي شئ خارجي، فتش عنها دائمًا داخلك، فمن المؤكد أنك ستجدها هناك تنتظرك، تفرد لك ذراعيها على مصراعيهما كي تضمك إليها رافضةً تركك تفلت من بين أناملها، لتهمس في أذنيك أنا سندك وملاذك، وموطن راحتك، وتذكر دومًا أنها ستكون سلاحك الوحيد في وجه أي اغتراب ستواجهه في حِلك وترحالك، فهي سر الحياة وصبرك على تقلباتها.

د. يسرا محمد سلامة