أحلام مهندسي العقود بأونروا تتبدد بالفصل من الوظيفة

الأحد, 4 مارس 2018 12:31 م

راديو كلاكيت-وكالات

تبعثرت كل أوراق المهندس أحمد محمد وتبددت أحلام مستقبله في شقته الجديدة التي اشتراها عبر التقسيط، لحظة تلقيه اتصالاً هاتفيًا من “أونروا” يخبره بإنهاء عقد عمله وفصله.

وأصبح محمد (32عامًا)  وهو واحد من 96 مهندسًا أوقفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” عقودهم، عاجزًا عن التصرف أمام أقساط 6 أعوام قادمة للانتهاء من دفع ثمن شقته.

وقرَّرت وكالة الغوث مؤخرًا إنهاء عمل عدد كبير من المهندسين أصحاب العقود الذين يعملون لديها منذ أعوام، على الرغم من تلقيهم وعودا بتثبيتهم خلال الفترة الأخيرة.

وجاء قرار وكالة الغوث هذا عقب التقليص الأمريكي لمبلغ  45 مليون دولار من المساعدات المقدمة للوكالة بقرار من الرئيس دونالد ترمب “إلى حين عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات”، وذلك عقب تصويت دول الأمم المتحدة المنبثقة عنها “أونروا” لمشروع قرار لصالح القدس وضد قرار ترمب بإعلانها “عاصمة لإسرائيل”.

ويقول محمد لوكالة “صفا”: “إن قرار فصلنا تعسفي ولا علاقة له بأزمة مالية، وإنما هي سياسة تقليص ممنهجة، خاصة وأن جمعينا مهندسون مدنيون ونتابع أكبر وأهم ملفات الوكالة”.

ويضيف “نحن نعمل مع الوكالة منذ نحو 7 أعوام، وقد تلقينا وعودًا وتوصيات بتثبتينا بعد مشاورات ومفاوضات واجتماعات سابقة مع إدارة الوكالة”.

وبإحباط ردد محمد المتزوج منذ عام 2013:  “عليّ أقساط لشقتي حتى عام 2024، ولم أكن أتصور أن تخذلنا إدارة الوكالة بهذا الشكل وبمبررات واهية.. من أين سأسدد المبلغ بعد هذه النكبة”.

تعتيم مأساة  15 معتصمًا

ويعتصم 15 مهندسًا منذ اتخاذ الوكالة للقرار داخل مقرّها الرئيس بمدينة غزة، ويرفضون الخروج منه إلا بالتراجع عن قرار الفصل، ولكن الأقسى أن هؤلاء محرومون من إدخال الأغطية أو الطعام إليهم من إدارة الوكالة، كما أنها تمنع دخول أي وسيلة إعلام لنقل أوضاعهم.

وحصلت “صفا” على عدد من الصور الحصرية التي تعكس الحالة المأساوية لهؤلاء الموظفين، الذين يبيتون بدون أغطية وبعضهم يلتحف بـ”أكياس النايلون” بسبب منع إدخال الأغطية لهم، كما أن الإدارة تفصل التيار الكهربائي عنهم، وفق ما أكد زملاؤهم.

ويُصنف المهندسون الذين تم فصلهم كأهم موظفين لدى الوكالة، خاصة وأنهم يتابعون مشاريع هامة جلّها متعلقة بملف إعمار غزة، من مؤسسات ومنازل ومصانع.

توقف المشاريع رغم أهميتها

ويقول المهندس عبد الله غزال لوكالة “صفا”: “إن 70% من المفصولين يعملون في ملف الإعمار، وبفصلهم توقفت الدفعات المالية لعدد كبير من اللاجئين المتضررين الذين لا يزالون يتلقون دفعات لاستكمال بناء منازلهم”.

ويضيف “كل المشاريع لا تزال مستمرة ولا ندري لماذا هذا الفصل الذي يعكس عدم اكتراث الوكالة بملف الإعمار، حتى أن مدراء المناطق الخمسة المثبتين أقفلوا مكاتبهم ويرفضون مراجعة أي من اللاجئين المتأخرة دفعاتهم المالية، احتجاجًا على القرار”.

وحسب المهندسين المفصولين، فإن دفعتين ماليتيْن لم تصرفا للمتضررين بعد اتخاذ هذا القرار.

ويتساءل غزال: “كيف سيتم استكمال المشاريع بدوننا، وحتى لو تم الاستعانة بمهندسين أخرين فستخسر الوكالة كثيرًا، لأننا نحن من تابعنا ملف الإعمار من حصر ومراجعة للحالات والأفراد ومتابعة الدفعات والمنح”.

ويعتصم كافة المهندسين الذين تم فصلهم أمام مقر الوكالة بمدينة غزة منذ اتخاذ القرار، ويؤكدون أنهم “لن يغادروا المكان حتى لو بقوا مدى الحياة، إلا بالتراجع عن قرار الفصل”.

المهندسة غادة حجازي التي تعمل لدى الوكالة على بند العقود منذ 3 أعوام، تقول: “بعد تلقينا وعودا بتثبيتنا جاءت الوكالة لتكافئنا بقرار الفصل هذا”.

وتفيد أن الوكالة خلال الفترة الأخيرة مارست عملية تسويف لقرار التثبيت خلال المفاوضات والاجتماعات الأخيرة معها، وفي النهاية أبلغتهم بشكل صادم بأن معظمهم سينهوا عقودهم في تاريخ 7 مارس المقبل.

وبهذه الدفعة المقصاة من الموظفين تكون الوكالة قد بدأت  سياسة التقشف التي أعلنت عنها والتي قالت فيها “إنها ستطال كل شيء وستكون صعبة”.

يُشار إلى أن “أونروا” أفادت في مؤتمر صحفي مؤخرًا بأن رواتب الموظفين لديها متوفرة حتى يونيو القادم، وأنها لن تستطيع دفع هذه الرواتب إذا لم يتم سد العجز المالي الناتج عن التقليص الأمريكي.