حرق “الخردة” بالخليل يُمرض المواطنين ولا حلول للكارثة

الثلاثاء, 6 مارس 2018 11:14 ص

راديو كلاكيت_وكالات

يضطر المعلم المتقاعد محمد الرجوب من قرية الكوم غربي دورا بمحافظة الخليل جنوبي الضّفة الغربية المحتلة لقضاء معظم ساعات نهاره حبيسًا داخل بيته، فخروجه يعني إصابته بأزمة صحية بسبب الهواء الملوث بفعل تواصل أزمة حرق مخلفات الخردة في منطقته.

ويعاني الرجوب (55 عامًا) من مرض “تليف الرئتين”، ويُرجح الأطباء أن يكون التلوث الجوي السّبب الرئيس لمرضه، هو ما اضطره لمغادرة وظيفته مُبكرًا، وفق ما يقول لوكالة “صفا”.

واضطر المواطن في أكثر من وقت استخدام أسطوانات الأكسجين لمساعدته على التنفس ولاسيما حينما تغمر أدخنة الخردة المنطقة التي يعيش فيها، وهي منطقة محاذية لجدار الفصل العنصري، وتكثر فيها عمليات حرق مخلفات الخردة.

وعلى مدار أعوام ماضية تحوّلت المنطقة الممتدة من بلدة إذنا مرورًا بقرية الكوم وبلدتي ديرسامت وبيت عوا المجاورتين إلى مكرهة صّحية بفعل التلوث الجوي والبيئي الناجم عن حرق مخلفات الخردة، وإلقاء النفايات الإسرائيلية في المناطق الجبلية والسهلية الخالية، فضلًا عن تدمير المنظر الطبيعي لهذه المناطق.

ويلجأ الرجوب في كثير من الأحيان إلى إغلاق كافة نوافذ منزله، لتفادي استنشاق الأدخنة والملوثات، وفي أحيان أخرى يشعر بالاختناق الشديد حينما تتسرب الأدخنة إلى داخل المنزل.

ولا يطلب الرجوب شيئًا سوى إنقاذ منطقته والمناطق المجاورة التي يقطنها آلاف المواطنين من المكرهة الصحية، ولاسيما مع ازدياد الحالات المرضية المماثلة لحالته.

“لا جهود ناجعة”

ويبدو النّاشط البيئي ثائر فقوسة غير متفائل بالجهود المبذولة للتخلص من الأزمة، إلا من خلال قرارات قضائية بإزالة كل مظاهر الفوضى في المنطقة الغربية، والعمل على تغيير الواقع الموجود.

ويُحذر فقوسة في حديثه لوكالة “صفا” من أنّ عدم إيجاد حلول ناجعة لهذه المشكلة سيترك المنطقة الغربية للخليل مليئة بالأمراض والأوبئة، وسيكون الكثيرون في عداد الموتى خلال السنوات المقبلة بسبب الملوثات.

ويقول إن الأمر “مرتبط بالثقافة المجتمعية، وحاجة المواطنين في المنطقة إلى التوعية المكثفة واليومية من أخطار عمليات التلويث الجارية”.

ويلفت إلى بعض مشاريع الحد من المكرهة الصحية التي لم يُكتب لها النّجاح، كافتتاح معامل لتقشير الأسلاك النحاسية تفاديًا لحرقها، ويُرجع ذلك إلى محاولة العاملين في هذه المهنة الهروب من دفع أيّ أموال يراها خسائر، في ظلّ مقدرته على التخلص منها عن طريق الحرق دون محاسبة.

ويدعو إلى ضرورة وضع الضابطة الجمركية على مداخل المنطقة ومخارجها ولاسيما أن ملايين الشواقل تمر عبرها من خلال الشاحنات التجارية، ولا تستفيد منها الميزانية الفلسطينية.

مشروعان لحل الأزمة

وفي سبيل السيطرة على الظاهرة المقلقة للأهالي، يكشف مدير عام بلدية الياسرية المشتركة غرب الخليل محمد سويطي ، والتي تضمّ بلدات (بيت عوا، ديرسامت، الكوم) عن مشروعين في المنطقة الغربية التي تضمّ بلدية إذنا المجاورة للحدّ من ظاهرة التلويث الجاري للبيئة.

ويوضح سويطي في حديثه لوكالة “صفا” أن أحد المشروعين سويدي يستهدف نقل جزء من التربة الملوثة والمقدّرة بنحو (3500) طن إلى منطقة تسمّى “رمات حوفاف” داخل الكيان الإسرائيلي، “لكن الأمر ما زال مرهونًا بالموافقات الإسرائيلية، والتنسيق مع سلطة جودة البيئة الفلسطينية”.

وتستهدف المرحلة الثانية من المشروع تشكيل جهاز “شرطة خضراء” في المنطقة تديره الهيئات المحلية، أما المرحلة الثالثة فتتمثل بإنشاء جهاز إداري لمتابعة القضية، مع الأخذ بعين الاعتبار ما لا يضر البيئة أو أرزاق المواطنين، وفق المسؤول.

أما المشروع الثاني فهو مشترك بين جمعية الأرض الخضراء ومؤسسة إيطالية وغرفة تجارة شمال الخليل، ويجري العمل من خلال مؤسسة “مجتمعات عالمية” لإنشاء مستودع لتدوير هذه المخلفات، والتركيز الرئيس على النفايات الإلكترونية.

لكن هذا المشروع، وفق سويطي، ما زال في طور البحث، واشترطت الهيئات المحلية العاملة في المنطقة الحصول على مبلغ مالي بشكل مستعجل قيمته نحو 350 ألف دولار، لتجهيز محطة وتجميع وإخلاء للنفايات من المنطقة.

ويعرب مدير عام بلدية الياسرية المشتركة عن تفاؤله بدخول المشروعين حيّز التنفيذ قريبًا.

ويلفت المسؤول البلدي إلى الحاجة للتكاتف من جانب جميع الجهات المعنية، وبالتحديد في المناطق المستهدفة بالتلوث، من أجل إنجاح الجهود، ولاسيما أن المنطقة غير خاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية الكاملة.