تحقيق: فلسطينيات يكابدن الفقر وأخريات يثبتن أنفسهن بالمسؤوليات العائلية والمهنية
الثلاثاء, 10 مايو 2016
10:28 ص
(شينخوا)
في منزل متهالك وسط زقاق ضيق في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة تعيش السيدة حياة الهسي واسرتها المكونة من خمسة أبناء في فقر مدقع لا حول لها ولا قوة في مجابهة مصاعب الحياة.
وفي الوقت الذي تحتفل فيه غالبية دول العالم اليوم الأحد بعيد الأم ، تشكو الهسي (60 عاما) بأسى بالغ ما تواجهه من شظف العيش، وقلة الحيلة تجاه أولادها حيث يعاني ابنها البكر من إعاقة جسدية دائمة.
وتقول الهسي بنبرات متقطعة يغلبها البؤس لوكالة أنباء “شينخوا”، إن زوجها الذي تجاوز (63 عاما) من عمره ويعمل صيادا يعاني مرضا عضال منذ عدة سنوات وبالكاد يستطيع العمل يومين أسبوعيا.
وتضيف أن وضع زوجها وضعف ما يتحصل عليه من مال بسبب عمله المتقطع ترك عائلتهم من دون معيل ، وبالكاد يتمكنون من توفير أبسط مستلزمات غذائهم وقوت يومهم.
ولم يسبق للهسي أن خرجت من منزلها للعمل رغم ظروفها الاقتصادية المتدهورة وهي حزينة بسبب ذلك.
وتشير إلى أنها كثيرا ما تمنت لو كانت تحصلت على شهادة جامعية أو تعلمت في صغرها حرفة معينة تعينها وأسرتها على مواجهة هذه الأيام “شديدة الصعوبة”.
وتعد هذه السيدة مثالا لما تعانيه غالبية النساء في قطاع غزة الذي يقطنه زهاء مليون و900 ألف نسمة يقاسون من معدلات قياسية من الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007 إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بعد نزاع مسلح مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
ودفع ذلك إلى أن تصبح نسبة البطالة في أوساط سكان قطاع غزة من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت إلى حوالي 42.7 في المائة بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
كما تقدر منظمات دولية وحقوقية، بأن نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى سكان قطاع غزة تتجاوز 60 في المائة يعتمدون على المساعدات الدورية من المنظمات المحلية والدولية.
وتقول الهسي بينما يجلس في حضنها اثنان من أطفالها ، إنهم تقريبا يعتاشون على ما يتلقونه من مساعدات غذائية ومالية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومنظمات أخرى محلية.
لكنها تشكو كثيرا من أن مساعدات أونروا وغيرها من المنظمات يتلقونها مرة كل ثلاثة أشهر ولا تلبي احتياجاتهم الكبيرة في ظل افتقادهم لدخل مالي ثابت يعينهم على تدبير أمورهم المعيشية.
وتعيش الهسي مع عائلات أشقاء زوجها في منزل واحد مكون من طابقين فقط وبمساحة إجمالية لا تتعدي 130 مترا بحيث يصل عدد قاطنيه إلى نحو 22 فردا وهو ما يزيد من معاناتهم المعيشية.
لكن أكثر ما يزيد مصاعب هذه السيدة هو عجزها عن توفير متطلبات أبنائها الذين تقول إنهم يكبرون أمام عينيها بمشاعر الحرمان داخل مخيم مكتظ بالفقراء وبالمنازل المتلاصقة المتهالكة.
وسبق أن حذرت جماعات حقوقية من وصول آلاف العائلات في غزة إلى المستويات الأشد فقرا مع اعتمادهم على المساعدات الإغاثية والمعونات مع وصول معدل دخل الفرد اليومي إلى قرابة دولارين.
كما أن الأمم المتحدة حذرت قبل عامين، من أن قطاع غزة سيصبح مكانا لا يحتمل العيش فيه مع حلول عام 2020 بسبب النقص الحاد المتوقع في مياه الشرب والمدارس والمستشفيات والوظائف وتدهور في البني التحتية.
وتظهر إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن نسبة المشاركة في القوى العاملة للأفراد 15 عاما فأكثر في قطاع غزة تبلغ نحو 44 في المائة، بواقع 68 في المائة للذكور، و20 في المائة فقط للإناث.
غير أن هذا الواقع المتدهور اجتماعيا واقتصاديا في قطاع غزة وندرة فرص العمل لم يقف عائقا أمام روان الكتري (29 عاما) لتثبت نجاحها في عدة مجالات في المجتمع رغم عظم مسؤولياتها العائلية والمهنية.
وتشغل الكتري حاليا منصب المدير التنفيذي للمجلس الاقتصادي للتمكين الوطني الفلسطيني (مؤسسة أهلية) في غزة، وسبق لها أن عملت محاضرة في جامعة وكلية محليتين بين أعوام 2009 إلى 2004.
وتقول الكتري ل”شينخوا”، إنها بدأت مسيرتها المهنية في العمل الصحفي منذ عام 2004 وذلك حتى قبل إتمام حصولها على شهادة البكالوريوس في فنون الإذاعة والتلفزيون وزواجها في العام 2009.
وتضيف أنها بعد زواجها لم تجد ما يمكن أن يشكل عائقا أمام مواصلة مسيرتها المهنية حتى بعد أن أنجبت طفلتين تبلغ أعمارهما حاليا (6 أعوام) و(4 أعوام).كما أنها قررت منذ عامين الالتحاق بالدراسات العليا بدراسة الماجستير.
وتبدي الكتري فخرها الشديد بمسيرتها المهنية والعائلية حتى الآن، وتؤكد أن المرأة الفلسطينية قادرة على العطاء في جميع المجالات والقيام بكافة واجباتها ومسؤولياتها تجاه عملها وعائلتها.
وتشير إلى أنها تواكب بدقة بين حياتها العائلية ومتطلبات أسرتها خاصة طفلتيها وبين عملها المهني ودراستها الجامعية وتجد نفسها قادرة على المواءمة بينهم من خلال حسن تنظيم الوقت.
وعادة ما تبدأ الكتري نهارها ساعات صباح كل نهار بتجهيز طفلتيها للتوجه إلى الحضانة بعد تناول طعام الإفطار معهما وزوجها، ومن ثم الانتقال إلى عملها حتى التوجه منه إلى حضانة طفلتيها للعودة إلى المنزل.
وتؤكد أن طفلتيها و زوجها لا يشعرون بأي نقص إزاء قيامها بمسؤولياتها تجاههم “على العكس فإن كوني سيدة عاملة وأما في الوقت نفسه يزيد من ثقتي بنفسي وتطلعي إلى مستقبل أفضل لعائلتي”.
وتعرب الكتري، عن تطلعاتها لتحقيق المزيد من الانجازات على صعيد حياتها الشخصية والمهنية، كما أنها تأمل للمرأة الفلسطينية أن تنعم بالسلام والفرص التي تتيح لها إبراز طاقاتها وقدراتها بما يخدم دائما مجتمعها.
وظهر احتفال (عيد الأم) في مطلع القرن العشرين، لتكريم الأمهات والأمومة ورابطة الأم بأبنائها وتأثير الأمهات على المجتمع.
ويختلف تاريخ الاحتفال بعيد الأم من دولة لأخرى، ففي العالم العربي يكون في 21 مارس، أما النرويج فتقيمه في 2 فبراير، فيما يقام في الأرجنتين يوم 3 أكتوبر، وجنوب أفريقيا تحتفل به في أول مايو.
وفي الولايات المتحدة إضافة إلى أكثر من ثمانين دولة أخرى في العالم يكون الاحتفال بعيد الأم في الأحد الثاني من شهر مايو من كل عام، وفيه يتم الاحتفال بالأمهات وتكريمهن.