تطبيق للتجول الافتراضي داخل المواقع الأثرية بغزة
الثلاثاء, 27 ديسمبر 2016
12:02 م
ابتكرت مهندسة من مدينة غزة تطبيقًا للهاتف المحمول يُمكن المستخدم من التجول الافتراضي داخل المواقع الأثرية في قطاع غزة، في خطوة نوعية هي الأولى في فلسطين.
ويمكّن تطبيق “كنعان”، الذي صنعته الشابة نسمة السلاّق، من زيارة افتراضية ثلاثية الأبعاد للموقع الأثري، ويوفر زاوية رؤية 360 درجة، كما يدعم خاصية “GPS” لتحديد الموقع الأثري على الخريطة.
ولادة الفكرة
وتبيّن المهندسة المعمارية السلاّق أن فكرة التطبيق؛ جاءت بعدما كانت متطوعة لدى مركز “إيوان” لعمارة التراث بالجامعة الإسلامية، وهو مركز يعمل على التوعية بالتراث الثقافي المعماري الفلسطيني.
وتقول، لمراسل “صفا”: “جاءتني الفكرة العام الماضي خلال عملي بالمركز، وأردت تطويع الوسائل التكنولوجيا الحديثة لحفظ التراث الفلسطيني والتعريف به”.
وعملت الشابة في البداية على إنشاء موقع “كنعان” على الانترنت؛ للتعريف بالمواقع الأثرية الفلسطينية؛ لكنها حوّلت فكرة الموقع لتطبيق عبر الهواتف الذكية.
وتكمن أهمية التطبيق في ظل الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، وعدم سماح الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين والأجانب خارج القطاع بزيارة الأماكن الأثرية في غزة.
تطبيق “كنعان”
وبدأت السلاّق مشروعها بجمع معلومات عن موقع دير القديس “هيلاريون” الكائن وسط قطاع غزة، كأول موقع أثري تجريبي؛ بحكم أقدمية الموقع تاريخيًا.
ويعّد موقع دير القديس تراثًا مسيحيًا، ومن أهم المواقع الأثرية بغزة وأقدمها، ويعود للفترة البيزنطية، وهو أكبر “قبو” بالشرق الأوسط.
وعملت الشابة بالتعاون مع تقني ومصور فوتوغرافي على تطوير تطبيق “كنعان” وجمع عشرات الصور ومقاطع الفيديو عن موقع الدير، إضافة إلى مجموعة من المعلومات المفصلة حوله.
ويوثق تطبيق “كنعان” رقميًا موقع “هيلاريون” كبداية؛ للتعريف بمكوناته وأجزائه وتاريخه وأهميته؛ لتمكين أي شخص بالعالم من مشاهدته والتجول افتراضيًا داخله.
وتشير الشابة السلاّق إلى أن أهم ميزة في التطبيق هي التجول افتراضيًا داخل الموقع الأثري، “وهو ما لا يوفره أي تطبيق بالوطن العربي”، وفق ما تقول.
وتضيف “تطبيق كنعان مشابه لتطبيقات تمّ إنجازها بأوروبا بتقنيات متطورة، لكن المميّز فيه هو نوعية المواقع التي يتيح زيارتها في غزة في ظل الحصار الإسرائيلي للقطاع”.
ويدعم تطبيق كنعان اللّغتين العربية والإنجليزية، وهو متوفر فقط على متجر غوغل (Play Store) الخاص بالهواتف الذكيّة ذات نظام تشغيل أندرويد.
جهود متواصلة
وتطمح الشابة السلاّق لأن يكون تطبيق “كنعان” السجل الرقمي الأكبر للأثار في فلسطين، مؤكدةً أنها ستعمل على توثيق وإضافة جميع المواقع الأثرية بقطاع غزة وستحصل على براءة اختراع في ذلك.
وتوضّح أنها ستبدأ بتوثيق جميع المواقع الأثرية بالقطاع مطلع العام المقبل، وذلك بعد أن حصلت على تمويل لذلك.
وبحسب مركز إيوان لعمارة التراث بالجامعة الإسلامية؛ فإنه يوجد في قطاع غزة ما يزيد عن 100 موقع أثري.
وتلفت الشابة إلى أن هدف التطبيق بشكل أساسي الحفظ الرقمي للمواقع الأثرية في فلسطين كافة؛ “لأن الآثار والتراث الثقافي الفلسطيني يتعرض للتهويد والانتهاك والسرقة والتدمير”.
واستهدف الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الأخير على قطاع غزة ثلاثة مواقع أثرية تاريخية منها مسجد المحكمة الذي لم يتبق منه إلا المئذنة.
وفازت المهندسة السلاق بجائزة “الأليسكو” التي تنظمها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم على مستوى فلسطين، ثم على مستوى الوطن العربي.
وضمن جهودها الحثيثة لتوثيق المواقع الأثرية بالضفة الغربية والقدس المحتلتين، تقول المهندسة إن مركز “رواق” بالضفة أبدى تعاونه بتشكيل فريق لجمع معلومات عن المواقع الأثرية هناك.
وعن الصعوبات التي واجهتها، تشير إلى أنها عانت من عدم خبرتها في مجال تكنولوجيا المعلومات بحكم أنها مهندسة معمارية، كما وضع الحصار الإسرائيلي قيودًا أعاقت وصول الحوالات المالية لدعم مشروعها إلى غزة.
تطبيق نوعي
ويرى المختص بالآثار الفلسطينية محمود البلعاوي، أن تطبيق “كنعان” نوعي لربط التراث الفلسطيني بالتكنولوجيا عن طريق “الواقع الافتراضي”.
ويوضح البلعاوي، في حديثه لمراسل “صفا”، أن أهمية التطبيق تكمن بالإبداع والتطوير بشكل خارج عن المألوف؛ لاستثمار التوعية الاجتماعية بصورة حديثة بعيدًا عن الأنماط المعهودة من إقامة معارض وجولات ميدانية وأيام دراسية.
ويضيف البلعاوي، وهو أحد القائمين على مركز إيوان لعمارة التراث، “هذا التطبيق يوفر أشياء كثيرة بطريقة أفضل، حيث يمكن للزائر من داخل غزة أو خارجها أن يجري جولة افتراضية للموقع الأثري بأي وقت، كما على أرض الواقع تماماً”.
ويعرب البلعاوي عن أمله أن يواصل تطبيق “كنعان” نجاحه وأن يغطي جميع المواقع الأثرية في فلسطين التاريخية؛ “لأن الاحتلال يواصل سرقة التراث الفلسطيني على أنه تراث إسرائيلي”.
ويحتجز الاحتلال الإسرائيلي 9 مواقع أثرية فلسطينية في الداخل المحتل على أنها تراث إسرائيلي خالص، في محاولة مستمرة لتهويد الأرض الفلسطينية.
غزة – فضل مطر – صفا