“خيرها لزوجها وشرها لأهلها” حين يتخلى الزوج عن الزوجة
كثيراً ما نسمع بأن زوجاً طلق زوجته بعد عمر قضياه في عش الزوجية لأن الزوجة أصيبت بمرض أو نكسة، وأضحت لا تطاق عند الزوج، وكأن المثل الشعبي “خيرها لزوجها وشرها لأهلها” هو واقع متفشٍ بين الأزواج أصحاب التجربة في قطاع غزة، ليكون التساؤل في هذه القضية بين استهجانٍ من طرف وتحبيذ من طرف آخر!
وغالباً ما تنتهي العلاقة بطلاق يذهب ضحيته أطفال، كانوا قد زينوا لوحة الأسرة ذات يوم.
وفي سياق البحث عن قصص، أثبتت نجاح المثل الشعبي وأفشلت شمل أسرِ كثيرة، تقول السيدة (د. خ) من شمال قطاع غزة “تزوجت ابنتي بابن عمها وبعد عشر سنوات من الزواج تدهورت صحتها، وبدأت تدخل في حالة نفسية وفي كل مرة كان زوجها يتذمر”، مضيفة “في كل مرة كان يرسلها لنا لنعالجها ويتركها ويترك أبناءها حتى وصلت إلى الطلاق وكان أبناؤها الضحية”.
وأضافت: “تركنا وحدنا نذهب ونعالجها دون أن يسأل عن حالتها وفي فترة التحسن يعود ويحسن العلاقة لكن في النهاية كان المرض أقوى، وبذلك أوصل ورقة الطلاق إلى باب البيت”.
ولا تختلف الحالة الأولى عن قصة الزوجة رجاء، والذي يقول والدها: “طلقت ابنتي بدون أي مشكلة أو خلاف بين زوجها فقط لأنها أصيبت بمرض”.
وحول سؤالنا عن مرضها قال: “بعد الزواج عانت ابنتي من مرض نفسي وهو الوسواس القهري، وأصبحت المشاكل تزداد مع زوجها”، مضيفاً “تفاجأنا ذات ليلة بأن زوجها أرسلها لنا بسيارة وقال لنا عبر الهاتف شوفوا بنتكم مش قادر أعيش، واليوم هي مطلقة”.
وفي سياق الموضوع، قالت الأخصائية النفسية والاجتماعية اسلام المصري لمراسل “دنيا الوطن”: “نحن نعيش في عصر تنتشر فيه الأمراض النفسية، نظراً للضغوطات التي يعيشها المواطن في غزة، التي تفرز المشكلات الأسرية، بالإضافة إلى العنف السائد والبطالة والفقر المدقع، هذا كله كفيل بالتأثير على نفسية الشخص وبشدة”.
وتضيف المصري: “كثير من السيدات أصبن بهذه الأمراض، لعدم التكيف والتعايش مع المشكلات، ولابد من الإشارة إلى أن النساء الأكثر إصابة بهذه الأمراض لعدم قدرتهن على التحمل”.
وفيما يتعلق بتخلي الزوج تقول المصري: ” كثيرة هي الحالات التي تعاملنا معها في هذا الشأن وكأن التأثير واضحاً على وجوههن، وبما أن المجتمع شرقي وذكوري فإن المرأة هي الضحية في مثل هذه الحالة التي تكون بأمس الحاجة لزوجها وليس التخلي عنها”.
وطالبت المصري في حديثها بضرورة التوعية من خطر التعرض والإصابة بالأمراض النفسية، وكيفية التعامل معها عبر ورش عمل وندوات خاصة”.
القاضي الشرعي الشيخ صلاح أبو حشيش، عقب على الموضوع لمراسلنا: “أدبياً وأخلاقياً لا يجوز التخلي عن الزوجة في وقت تكون فيه بأمس الحاجة لزوجها، وبحكم العشرة بينهما”، مضيفاً: “إذا ترتب على المرض الذي أصابها ما يحتم الانفصال بينهما فلا يوجد ما يمنع ذلك شرعاً وهذا جائز”.
وحول الحالات التي تصل إلى المحاكم الشرعية يضيف: “كثير من الحالات انتهت بالطلاق بسبب أمراض أو مسببات في الزوجة تفسد العلاقة والثقة بين الأزواج”.
وأكد القاضي الشرعي على ضرورة بناء الثقة بين الأزواج لتفادي أي مشكلة مستقبلية، قد تفسد عش الزوجية بينهما”.