متى يتحول الاهتمام بالمظهر لمشكلة نفسية؟
الأحد, 5 أغسطس 2018
11:16 ص
راديو كلاكيت-وكالات
ما الاهتمام بالمظاهر؟ وما الحد الطبيعي منه؟ ومتى يتحول إلى إفراط؟ وما أسبابه؟ وكيف يكون التعامل مع هذه المشكلة؟
مع دخول مواقع التواصل الاجتماعي إلى حياتنا والتي تتيح نقل كل صغيرة وكبيرة لحظيا، شاعت ظاهرة الاهتمام بالمظاهر، والتي وإن كانت موجودة من قبل في حياة الناس، فإن مواقع التواصل الاجتماعي أتاحت لها الفرصة للظهور أكثر فاقعة وبشكل يراه البعض دليلاً على اضطراب لدى الشخص.
يقول استشاري الطب النفسي الدكتور وليد سرحان -في حديث خاص للجزيرة نت- إن الاهتمام بالمظهر أمر طبيعي ومطلوب، ولكن هذا الأمر قد يتخطى المنطق ويصبح هاجس الإنسان على حساب أساسيات الحياة اليومية.
ويضيف سرحان أنه مع الأسف يلاحظ تزايد هذا الاهتمام عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر عدوى المظاهر.
وأوضح أن أسباب هذه الظاهرة عادة تكمن في سمات الشخصية والظروف الحياتية التي تدفع الإنسان لاستعمال المظهر لتحسين مكانته الاجتماعية والمهنية كما يعتقد، ولفت إلى أن “المرأة أكثر اهتماما من الرجل، وأن الثراء يلعب دورا”.
وحول ما إذا كان الاهتمام المفرط بالمظاهر يرتبط بمشاكل نفسية أخرى مثل الاكتئاب والقلق وغيرها، قال سرحان “لا ترتبط بالأمراض إلا ما ندر ولكن ترتبط بالشخصية”.
وتابع إن الآثار السلبية لهذه الظاهرة كثيرة على الفرد والأسرة والمجتمع، وخصوصا في البعدين الاقتصادي والاجتماعي، بجانب النظرة إلى الذات التي تهتز إذا لم يتمكن من اعتاد هذه المظاهر أن يستمر فيها مع تغير ظروفه.
وأكد الدكتور سرحان أن علاج هذه الظاهرة هو اجتماعي أكثر من كونه طبيا، وعلى الذين يمكن أن يكونوا قدوة للآخرين الالتفات لهذه الظاهرة والتركيز على الاعتدال والبساطة في الحياة والمناسبات.
أنواع الشخصيات
وكان الدكتور سرحان قال على صفحته في فيسبوك إن الاهتمام بالمظاهر وحب الظهور بين الناس من الأمور الشائعة التي لا تصنف عادة كأمراض نفسية، وإنما هي أنماط في الشخصية قد تكون في حدود ولا تؤثر كثيرا على حياة الناس، وقد تكون شديدة وتشكل جزءا من اضطراب الشخصية النرجسية أو الهستيرية.
ولفت إلى أن هناك أشكالا فردية وجماعية للظاهرة، منها:
– المهتمون بالملابس وعلاماتها التجارية والساعات والكماليات، لدرجة أن ما يتم إنفاقه على هذه الأمور يفوق الإنفاق على أساسيات الحياة، ومثل هؤلاء يكونون مهزوزي الشخصية.
– المهتمون بالظهور بشخصهم، فلا يتركون مناسبة إلا أكدوا فيها على قدراتهم ومعرفتهم ومكانتهم واتصالاتهم وعلاقاتهم، لدرجة أن الناس يملونهم وينفرون منهم.
– الذين يحاولون أن يغطوا على نقص معين في المظهر والشخصية والإمكانات، بكل الوسائل والطرق المقبولة وغير المقبولة والمشروعة وغير المشروعة، وهؤلاء قد يكونون عرضة للوقوع في الديون والأخطاء أو استغلال المجتمع لهم.
– الشخصية الهستيرية، فقد تكون الفتاة من مستوى اجتماعي معين لكنها تصر على الظهور بمستوى آخر، وتحاول لفت النظر بسلوكها ومظهرها وملابسها، وتقضي الليل والنهار تعد المعجبين، وتغضب ممن لا يبدي إعجابه ولا يلتفت إليها، وتنقطع علاقاتها بسهولة.
ويعيش هؤلاء الأفراد في حياة كلها أحداث ومشاكل وعلاقات تبدأ ولا تكتمل، ولا يستجيبون لمتطلبات الواقع والحياة والبيئة المحيطة.
– أصحاب الشخصية النرجسية، وهؤلاء تبدو عليهم مظاهر العظمة وعدم التعاطف مع الآخرين والحاجة الملحة للإعجاب والإطراء، ويراهم الناس متعجرفين ومتمركزين حول ذواتهم ومتلاعبين، كما أنهم كثيرو الطلبات، ويعتقدون أنهم متفوقون وموهوبون، في حين أن داخلهم هشّا.
وهؤلاء لا يتحملون النقد أو الهزيمة والرفض، ويريدون فرض عظمتهم بأي ثمن، وتقديرهم للناس يكون بقدر ما يعطونهم من إعجاب وإطراء، وهذا يوقعهم فريسة المحتالين بسهولة.
– الأسر التي يسود فيها جو من الرغبة في التميز، ويكون أفرادها أكثر تعليما وثراء، ولا بد من إثبات هذا في كل مناسبة سواء أكان حقيقة أو مبالغة. وتكون المناسبات الاجتماعية من أفراح وأتراح أوقاتا يظهر فيها هذا السلوك وربما بصورة قد يكون فيها شيء من المنافسة مع الأسر الأخرى.
بمعنى أن الحفلة التي تقيمها الأسرة لن يصلها أحد في المستوى، لأنهم فوق الجميع. وقد يقع هؤلاء في الديون والمشاكل نتيجة هذا التطرف، إضافة لابتعاد الكثير من الناس عنهم وتقرب المنتفعين والطفيليين منهم.
المصدر : الجزيرة